الحمامي: الديمقراطية في تونس مريضة.. والإعلام ساهم في تصاعد الشعبوية
قال الصادق الحمامي أستاذ علوم الاتصال والأكاديمي والباحث في الميديا في برنامج ميدي شو اليوم الاثنين 16 جانفي 2023، إنّ الرأي العام في تونس لا تحكمه العقلانية بل توجّهه المشاعر، معتبرا أنّ الإعلام كان له دور كبير في ذلك.
وتابع: '' الاعلام ساهم بشكل كبير في أزمة الأجسام الوسيطة وتصاعد الشعوبية، بما يعني أنّه ساهم في ترسيخ أمراض الديمقراطية ''.
وبيّن الصادق الحمامي أنّ الاعلام لا يعني نقل المعلومة فقط بل دوره أشمل من ذلك بكثير، فالإعلام في تونس كان له دور تقديم النخب للرأي العام بعد الثورة، رغم اخفاقه في احترام المعايير، كما كان له دور عرض الحياة السياسية وإدارة صراعاتها.
وأبرز ضيف ميدي شو أنّ الاعلام في تونس بعد الثورة خلق نخبة سياسية إعلامية وطغت عليه صحافة ''البلاتوهات''، مشيرا إلى وجود علاقة عضوية بين رفض الرأي العام للإعلام والحياة السياسية اليوم، والاحساس بتناقص الايمان بالديمقراطية، وفق وصفه.
النخب لا تريد بناء نظام إعلامي متين خوفا من المحاسبة
وكشف محدثنا أنّ النظام الإعلامي بعد 2011 مرّ بثلاث مراحل، وهي التأسيس الجديد ثم الأزمة واليوم حالة تحلل وموت سريري، مشيرا إلى ما أسماه بـ''اضمحلال'' الصحافة المكتوبة وعدم قدرة بعض الاذاعات على دفع تكاليف البث وعمل بعض قنوات بلا هيئة تحرير.
وقال: ''هناك عدة عوامل تفسر سبب ذلك لكن هناك خيار أساسي وهو عدم رغبة النخب في بناء نظام أساسي للديمقراطية وهو النظام الإعلامي خوفا من المحاسبة ربما، وحتى الاستراتيجية الرئاسية لا ترى أنّ الديمقراطية جسد تغذيه مجموعة من الشرايين وهي الإعلام'' متابعا: ''الجسد السياسي شرايينه الاعلام''.
ويرى ضيف ميدي شو أنّ عدم التقاء رئيس الجمهورية بالصحفيين خير دليل على أنه لا يعتبر الاعلام مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية، قائلا: ''الديمقراطية الحقيقة ليست انتخابات فقط'' .
في المقابل، اعتبر ضيف ميدي شو أنّ الاعلام في تونس فشل في كسب ثقة الرأي العام بسبب عدم استقلالية غرف الاخبار عن الإدارات والقوى السياسية قائلا: ''المهنة لم تكن قادرة على بناء استقلالية حقيقة ولذلك برز ''الكرونيكور'' ووصل الحد إلى تمثيل المؤسسات السياسية في البرامج ''.
''فايسبوك''.. المصدر الأول للمعلومة
كما تحدّث أستاذ علوم الاتصال والأكاديمي والباحث في الميديا عن دور مواقع التواصل الاجتماعي في تناقل المعلومات، كاشفا أنّ ''فايسبوك'' أصبح اليوم المصدر الأول للمعلومة وبروز ما أسماها بـ''مجموعات الفايسبوك''، موضحا بالقول: '' مجموعات الفايسبوك تعني انقسام الرأي العام إلى مجموعات افتراضية، حيث ينتقي المتلقي أخباره من مجموعة متكونة من أشخاص يشبهونه، ورفض أي شخص يختلف عنه وهو أمر خطير بالنسبة للديمقراطية''.
واعتبر أنّ مجموعات الفايسبوك خلقت ما يسمى بـ''الشعبوية'' وهي استراتيجية اتصالية تقوم على التقسيم، وأرجع هيمنة هذه المجموعات على عقل المتلقي بما تقدّمه من أمان معرفي وذهني وعدم ارهاقه، وفق قوله.
ودعا الصادق الحمامي إلى ضرورة اصلاح النصوص القانونية من أجل انقاذ الاعلام من الأزمة التي يعيشها، كما دعا إلى إصلاح المؤسسات اصلاحا شاملا، قائلا: ''الديمقراطية لن تشفى دون إصلاح كل مؤسسات التي تسهر على حق المواطن في الحقيقة ''.